أثاث المنزل البسيط.. لون الحائط الهادئ.. الصور الزيتية الناعمة.. كلها شواهد وأمارات علي وجود فنان في المكان، ولكنه فنان لا ينتمي الي هذا الزمان ينتمي الي فن الفكرة والمضمون ينتمي الي جيل قرر الانتصار للقيمة ولو علي حساب أشياء كثيرة.
هي هند رستم والحقيقة ان اسمها عنوان للجمال وإشارة مرور للغرام علي صعيد العمل نجحت وحفرت صورتها في قلوب الجماهير وعلي صعيد الحياة الخاصة قدمت مثالا للزوجة المخلصة.. منذ عدة شهور رحل زوجها عن الحياة وأصبحت وحيدة وعلي إثر الرحيل عرف الألم الطريق الي قلبها وسقطت علي الأرض.. وغابت الابتسامة وعندما سألتها عن حالها قالت بصوت مفعم بالحزن: الحياة بقت وحشة قوي، كل شيء في نظري اتغير بعد موت زوجي الذي عشت معه 50 عاما.. كلماتها تؤكد صفاء وجلال العلاقة وإحساسها بغروب السعادة يجعلنا جميعا نشعر بالقلق عليها. حول حالتها الصحية وشكل الدنيا في عينيها بعد رحيل زوجها وتقييمها للمناخ الفني أجرينا معها هذا الحوار:
كيف تري الفنانة الكبيرة هند رستم المناخ الفني؟
- الفن هذه الأيام بلا معني أو ملامح.. الفلوس هي التي تتكلم وهي التي تحرك الأشياء، لاتوجد أعمال جادة تعزز القيم وترسخ المبادئ وإنما كلها أعمال تدعو للإسفاف والابتذال.
من وجهة نظرك ما الفرق بين هذا الزمن والماضي الجميل؟
- في الماضي كان الانتصار للقيمة ولم تكن المادة ـ وأقصد العائد المادي ـ هو الذي يشغل بال الفنان. لذا كانت هناك حالة من التوهج واللمعان علي مستوي التمثيل والإخراج والتأليف.
ما هو السبيل لتصحيح المسار من وجهة نظرك؟
- أتصور أن العلاج يكمن في شيء واحد هو التعامل بموضوعية واعطاء كل شيء حقه فهناك حالة من الصراخ والصخب الإعلامي فعلي سبيل المثال بمجرد أن يظهر نجم في عمل كويس تتصارع عليه الفضائيات وتطارده الكاميرات ويتحول الصغير في غمضة عين الي نجم كبير وهي في الحقيقة متواضع الموهبة.. علينا النظر للأشياء بموضوعية وعلينا أيضا توفير عدالة في الفرص فالأرض يجب أن تتسع لتستوعب طموح الموهوبين.
بصراحة وبدون دبلوماسية من الذي يلفت نظرك من الفنانين الموجودين علي الساحة؟
- أولا أنا طول عمري أتحدث بصراحة ولا أخشي في الحق لومة لائم وأعترف بأمانة شديدة أنه لا يوجد علي الساحة فنان خارق الأداء أو صاحب حضور متدفق كلهم متواضعون جدا.. الشيء المذهل أن كل واحد من النجوم بمجرد ظهوره تجده يضع الخرزة الزرقا في صدره ويفتح قميصه كي يظهر بطنه.. أين الشياكة والاحترام.. وانظر وتفحص الصور أمثال أحمد عز وغيره لا يشغلهم إلا شعر صدرهم.
وماذا تقولين لهم؟
- أقول لهم الفنان عنوان لبلده ومثل وقدوة لجمهوره لذا يجب منهم تحسين ادائهم والقراءة فالثقافة تبني أمما وتصنع حضارات.
هذا عن جيل النجوم وماذا عن النجمات؟
- كلهن بكل أسف تحت الصفر.. لا شياكة ولا موهبة.
لو طلبت منك ترتيب أسماء هؤلاء النجوم عادل إمام، عمر الشريف، أحمد زكي فمن تضعين في المقدمة؟
- من وجهة نظري يأتي عادل إمام طبعا في المقدمة فقد بدأ بالمسرح وقدم أعمالا رائعة كما أنه يتمتع بالذكاء والدليل انه موجود حتي الآن وله بريق خاص وعمر الشريف فنان جيد وحقق نجاحات كبيرة وعفوا أختلف علي أحمد زكي وأقول ان الاحتفاء به كان أكثر من اللازم وأتصور أن الراحل شكري سرحان كان متميزا عنه بكثير ولكني لا أعلم ما الخطأ فعندما مات أحمد زكي »حدث طبل وزمر« أما عندما تحل ذكري شكري سرحان فهي تمر مرور الكرام.. أين الانتصار لذكري رجل قدم: »شباب امرأة ـ البوسطجي ......« وأعمالا أخري رائعة ورغم تميز كادرات يوسف شاهين فإن هناك مخرجين أفضل منه بكثير مثل حسن الإمام وصلاح أبوسيف وعزالدين ذوالفقار وكمال الشيخ. < معني كلامك أن التكريم في بلدنا لا يتم بعدالة؟ - طبعا التكريم لا يتم بعدالة أنا أعشق يوسف شاهين فهو مخرج له كادرات خاصة جدا ولكن هناك قمما في الاخراج تستحق التقدير والثناء أمثال صلاح أبوسيف وكمال الشيخ وحسن الإمام فما يحدث ظلم لجيل كامل يا سادة.
قلت في موضع سابق إن الفنانات لا شياكة ولا موهبة ماذا تعنين؟
- أقصد أن يسرا مثلا ظهرت في مسلسل كامل ترتدي بنطلونات جينز والمفروض أنها صحفية كبيرة وإلهام شاهين ترتدي ملابس أنيقة ولكن في ظروف لا تتلاءم معها.. والحق أنني معجبة بأداء نبيلة عبيد كممثلة فهي مجتهدة ولها أعمال جميلة.
ولكن يسرا تعتبر رقم واحد في الوقت الحالي؟
- قلت لك إن المناخ وحش جدا وأن الفلوس هي التي تحرك الأشياء والأمور.. الفنانة يسرا مع احترامي الشديد لها اشتغلت في أعمال كثيرة ولكنها لم تقدم مشهدا رائعا في أي عمل ولم تسرق الانتباه مثل ماجدة الصباحي في فيلم »الانتحار« أو فاتن حمامة في »الخيط الرفيع« وحتي ترتاح ويهدأ بالك انظر للمسألة علي أنها »أرزاق والسلام« فمن رابع المستحيلات أن ترفض ممثلة الدور لأنه ضعيف المحتوي فالملايين تزغلل العيون دائما.
إلي أي مدي تغير وجه الحياة أمامك بعد رحيل زوجك؟
- كل شيء تغير وتحول لدرجة أنني أصبحت أشعر بالغربة في بيتي رغم أن الحوائط التي شهدت عشرة دامت 50 عاما مازالت باقية ولم يطرأ عليها تغيير.. فقد رحل الصديق والزوج والحبيب ومعه مضت ذكريات دافئة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق